أغلقوا أبواب الجحيم كي يبقى لنا أجمل باب في الكون - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أغلقوا أبواب الجحيم كي يبقى لنا أجمل باب في الكون - تكنو بلس, اليوم الخميس 8 مايو 2025 11:45 صباحاً

غادة المرّ 

 

لم تعد الكرة الارضية، عل امتدادها، آمنة.
أبواب الجّحيم فُتحت ولم تغلق. فالشّر يصول ويجول من المحيط الى المحيط. فلا يكاد يمرّ يوم، دون ان نسمع عن عمليات ارهابيّة متنقّلة: من دهس الى طعن وقتل، وتفجير، او نزاعات وحروب.
نكاد لا ننام أونستيقظ على خبر قديم، ناهيك بمجاعة من هنا، ووباء من هناك، ولا تكاد تغيب عن المشهد حوادث الطّائرات والقطارات والسير، ليتصدّر المشهد بالخطوط العريضة، غضب الطّبيعة وجنونها: من زلازل مدّمرة الى فيضانات جارفة وعواصف عاتية وحرائق مستعرة، كلّها تلتهم الحجر والبشر والأخضر واليابس… لتترك العالم أمام صدمة تلو الاخرى يعجز عن وصفها القلم واللسان، وبأبهى حلّة، جميعها تتوالى على مسامعنا وتتصدر الصور والمشاهد شاشات التلفزيون والاخبار، وتتركنا في صدمة وحزن وكآبة لا توصف.
أهي لعنة و شعوذات شيطانية؟
أهي الطّبيعة تثور وتنتقم من اعمال البشر وشرورهم؟
أهي من صنع شياطين الأرض والبشر الاشرار؟ فابليس لم يعد يحتاج المجيء ليخرّب عالمنا، فالبشر يقومون بدوره على افضل وجه.
كأنّ السّماء تعاقبنا فابتلينا بالحرب الاوكرانية - الروسيّة، وحرب غزة وحرب ليبيا والسودان وحرب لبنان وسوريا، والآن تطالعنا حرب الهند وباكستان.
هذه الحروب ، جميعها استنزفت الجنود ودمّرت المدن والتهمت اقتصاد البلدان وشوّهت البشر والحجر.
كيف نقول لساكن السّموات: كفى، نتوسّل اليك تدخّل، انقذ هذا العالم من جنون هذه الحروب والارهاب والقتل والمجاعة والدّمار.
كيف نقول له انّنا هنا على اليابسة نغرق ونغرق.
كيف نصرخ بحكّام هذه الدّول المعنيّة باندلاع نار هذه الحروب وتغذيتها؟ كيف نقول لحكّام هذا البسيطة الملعونة: ارحموا شعوبكم، اوقفوا حروبكم العبثية، كفاكم تناحراً وتقاتلاً وتقاسماً للنفوذ والسيطرة 
وكفاكم طمعاً بالثروات والنفط والغاز والذهب والمعادن والارض والمياه…
تعبنا واستنفدنا كلّ طاقاتنا وقدراتنا على الصّبر والتحمّل والانتظار.
ولبنان جزء من هذا العالم المجنون ونال القسط الاكبر لموقعه المشؤوم وتعددّ طوائفه وانتماءاته الدينية والسياسيّة، ما سهّل خرقنا من الخارج وجعلنا ساحة لتصفية الحسابات ودخول المحاور طرفاً.

كيف نقّر اننّا فشلنا في منع ما يحدث. كيف فرّطنا بالوطن وسكتنا، وانهارت دفاعاتنا و اسوارنا واستُبيحت سيادتنا وأمننا واماننا. كيف نقّر بالحقيقة الفاجعة.
فلذات أكبادنا وقطع من قلوبنا تمشي على الارض:
سامحونا، لم نستطع ان نبني لكم وطناً ونحتفظ به سيّداً حراً، فيه تعيشون وتبنون غدكم الافضل.
كيف نخبركم اننّا فقدنا السيطرة، انهرنا، وامام بطشهم ضعفنا وخفنا؛ ثمّ خضعنا وسكتنا.
كيف وكيف وكيف؟ 
أنجرؤ على مصارحتكم بأننّا فشلنا وان مستقبلكم واستقراركم ولقمة عيشكم، هناك، خلف البحار وخلف الجّبال، في حقائب السّفر، هناك في الغربة تحت سموات بعيدة، في شوارع ومدن في بلدان غريبة لكن آمنة ومتطوّرة توفّر لكم العيش الكريم والحريَة والعدالة والأمان والعمل المثمر؟
إنسلخوا عن ارضكم واهلكم، جذوركم، وانكروا مدنكم و قراكم واحبّة لكم، بيوتكم، غرفكم،  ذكريات طفولتكم. احملوا احلامكم في حقائب السّفر وابتلعوا غصّات قلوبكم، دموعكم وسافروا، وهاجروا.
ودّعوا الوطن وذكرياتكم الغالية، غادروا تاريخكم وانفصلوا عن الجغرافيا وكلّ شيء احببتموه ويعيش فيكم ، يسكن روحكم .
هنا نحن، في هذا الوطن، وطن السّلام والقدّيسين ، والَذي لم يعرف السّلام يوماً. إننّا هنا لا نعيش بل ننجو .
عذراً لم نستطع ان نترك لكم تراباً بل ارضاً  فوقها تمشون، تعيشون وتستمرّون من بعدنا، وليس أرضاً تحت ترابها تدفنون احلامكم ومستقبلكم . 
كتب على هذا البلد وشعبه الغربة والهجرة …
يرحلون ويحملون بين ضلوعهم صوت فيروز و رائحة الياسمين و الزهر ومنقوشة الزعتر، وقهوة الصباح 
على الشرفة ومناظر الجبل والسهل والبحر والقرميد، ضحكاتهم ، ذكرياتهم وكلّ شيء هنا.
يعيشون، هناك، براحة وبحبوحة وتنظيم وامان، هناك في اصقاع المعمورة، كلّ شيء بخير، لكنّه لا يتنفّس .
يعيشون بحنين وغصّة على امل العودة يوماً وعبور أجمل باب في الكون … حين يصلون وتطأ اقدامهم ارض مطار بيروت، ويعبرون بغصة ولهفة ، يغالبون دموع الفرح ، حين يعبرون باب صالة الوصول في مطار بيروت . هناك فقط  يتنفّسون … 
هناك ، في ذاك المطار وذاك الباب … باب الحياة وباب العبور الى الحلم بوطن لا نعيش فيه بل يعيش فينا . بربّكم … أغلقوا أبواب الجحيم كي يبقى لنا أجمل باب في الكون.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق