الحجر الأسود.. جوهرة مقدسة تربط المسلمين بأطهر بقاع الأرض
يُعد الحجر الأسود أحد أهم الرموز المقدسة فى الإسلام، وهو جزء لا يتجزأ من الكعبة المشرفة، بل يمثل نقطة البدء والانتهاء فى الطواف حول البيت العتيق.
يقع الحجر فى الركن الجنوبى الشرقى للكعبة، ويبلغ ارتفاعه عن الأرض نحو متر ونصف، ويتميز بلونه المائل إلى السواد مع مسحة من الحمرة، ويُقدَّر قطره بنحو 30 سنتيمترًا، وهو مثبت بإطار من الفضة الخالصة للحفاظ على تماسكه.
وتعود مكانة الحجر الأسود إلى ما ورد فى الأحاديث النبوية عن أصله السماوى، حيث تؤكد الروايات أنه نزل من الجنة أشد بياضًا من اللبن، فسوّدته خطايا بنى آدم.
وقد جعله النبى محمد صلى الله عليه وسلم بدايةً للطواف، وقبّله ووضع عليه جبهته، وقال أن استلامه أو الإشارة إليه هو من شعائر الحج والعمرة. ويحرص الملايين من المسلمين، عند زيارتهم للحرم المكى، على تقبيله أو لمسه أو الإشارة إليه، تأسّيًا بالسنة النبوية، أن أمكن ذلك دون مزاحمة أو إيذاء.
وعلى مر العصور الإسلامية، حظى الحجر الأسود بعناية فائقة من الخلفاء والسلاطين والملوك، فتم ترميمه وإعادة تثبيته مرات عدة، خاصة بعد أن تعرض لمحاولات السرقة أو التلف.
وكان من أبرز هذه الحوادث ما وقع فى القرن الرابع الهجرى، عندما تم اقتلاعه ونقله من قبل القرامطة، ثم أُعيد إلى مكانه بعد نحو 22 عامًا، ليبقى محفوظًا حتى اليوم فى موضعه الأصلى بإطارٍ معدنى خاص.
وفى العصر الحديث، استُخدمت أحدث التقنيات فى توثيق الحجر الأسود وصيانته، حيث أعلنت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوى عن مشروع توثيقى فريد شمل التصوير الفائق الدقة للحجر، باستخدام تقنيات ثلاثية الأبعاد، ما مكّن من إنتاج صور غير مسبوقة تُبرز تفاصيل دقيقة لم تكن ظاهرة من قبل، وهو ما يتيح للأجيال القادمة التعرف على هذا المعلم المقدّس بشكل علمى وتاريخى موثق.
يمثّل الحجر الأسود رابطًا روحانيًا عميقًا بين المسلمين حول العالم، حيث يجتمعون عنده بقلوب خاشعة، تستشعر قدسيته ومكانته، فى لحظة يتماهى فيها الزمان والمكان، ويتوحد فيها الدعاء والرجاء فى أطهر بقاع الأرض.
0 تعليق