"حصى الخذف".. سنة نبوية تُجسّد التيسير والاتباع فى شعيرة رمى الجمرات
تُعد شعيرة رمي الجمرات من أبرز مناسك الحج التي تتجلى فيها روح الانقياد والاتباع، وقد حرص النبي محمد ﷺ على تعليم أمته، حتى في تفاصيل تبدو للبعض يسيرة، ومنها اختيار الحصى المخصصة للرمي. فقد ثبت عن النبي ﷺ أنه التقط الحصى من مزدلفة، وكانت في حجم حبّة "الخذف"، أي تشبه حبات البازلاء الصغيرة أو ما يمكن قذفه بين الأصابع دون أن يؤذي.
هذا التحديد النبوي لحجم الحصى، لم يكن تفصيلًا عبثيًا أو شكليًا، بل يحمل دلالات عميقة عن مقاصد الشريعة في التيسير، ونبذ الغلو، والابتعاد عن الأذى، سواء للحاج نفسه أو للحجيج من حوله. فرمي الجمرات، وهو استحضار رمزي لرفض غواية الشيطان، لا يحتاج إلى القوة أو الحجم، بل إلى نية خالصة واتّباع دقيق لهدي النبي.
ويؤكد العلماء أن اختيار الحصى الصغيرة يعبّر عن فهم دقيق لفلسفة العبادة، حيث لا يطلب الإسلام من المسلم المشقة لذاتها، بل يسعى لتحقيق المعنى الروحي بأبسط الوسائل. ومن هنا فإن الالتزام بحصى الخذف يجمع بين الدقة في الاتباع والتيسير في الأداء، وهو ما يعكس التوازن الذي يقوم عليه الدين.
وفي وقت تتجه فيه الجهود التنظيمية لتسهيل أداء المناسك، يبقى التذكير بالسنة النبوية في حجم الحصى رسالة بالغة في وقتها، تنبّه الحجاج إلى أن الاتباع لا يعني التعقيد، بل هو عنوان الرحمة التي بُعث بها النبي للعالمين.
0 تعليق