عم محمود الناجى من مجزرة بحر البقر: شعرت بجسدى يُرفع فى الهواء بقوة خارقة

اخبار 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عم محمود الناجى من مجزرة بحر البقر: شعرت بجسدى يُرفع فى الهواء بقوة خارقة

فى مدينة العريش بشمال سيناء، يعيش "محمود أحمد عبد الغفار حجاب"، رجل تجاوز الستين، لكنه لا يزال يحمل فى جسده وأعماقه آثار ضربة جوية غادرة، نُفذت قبل أكثر من خمسة عقود، حين كانت طفولته فى الصف الثالث الابتدائى على وشك أن تبدأ نهارها الدراسى فى مدرسة مجاورة لمدرسة بحر البقر، التى حُفرت فى الذاكرة الوطنية كأحد أقسى مشاهد العدوان الإسرائيلى على أطفال مصر.

فى صباح الثامن من أبريل 1970، كان محمود ابن التسعة أعوام يقف على بُعد 100 متر تقريبًا من المدرسة المنكوبة، برفقة زملائه، ينتظرون دورهم فى الالتحاق بالفترة المسائية. كان الوقت يسمح ببعض اللعب والضحك البريء، إلى أن دوى صوت لم يعرفوا له وصفًا. يقول محمود: "كل شيء اهتز.. شعرت بجسدى يُرفع فى الهواء بقوة خارقة، ثم لا شيء… سكون دامس".

استفاق محمود على سرير المستشفى، لا يرى شيئًا. عيونه لا تُبصر، أذناه لا تسمعان، وجسده منهك، يحمل كسرًا فى الحوض ورضوضًا لا تُحصى. "فقدت توازنى إلى الأبد فى تلك اللحظة"، يقولها بصوت متزن، كمن اعتاد الألم ورافقه دهراً.

سنوات قضاها محمود فى العلاج، غابت عنها مقاعد الدراسة، وحلت بدلًا منها غرف العمليات والعلاج الطبيعي. لكنه لم يستسلم. تعلم الخياطة فى قريته الصغيرة بعد أن ألحقه والده بدكان ترزي.

أصبح بارعًا فى المهنة، ثم التحق فى منتصف التسعينيات بالعمل كمساعد ترزى بالتربية والتعليم، وانتقل إلى العريش، حيث عاش حياته موظفا بمديرية التربية والتعليم، وتزوج ورزق بولدين وبنت.

"لم أعد أسمع منذ ذلك اليوم، وظهرى يحمل شرائح ومسامير تعيقني، لكن قلبى ما زال ينبض بالإصرار"، يقول محمود، مضيفًا أن الحادثة لم تسرق منه فقط سمعه وحركته، بل انتزعت براءة لحظة لم تكتمل.

وبرغم الندوب التى يحملها جسده، يعتز محمود بحياته التى بناها بالصبر والكفاح، ويقول: "كل ما حلمت به بعد ذلك اليوم... أن أعيش فى أمان، أن أجد السلام، وأحظى بحب الناس".

حصل محمود مؤخرًا على شقة بنظام الاستضافة ضمن مشروع الإسكان الاجتماعى فى العريش، لكنه يناشد الجهات المعنية نقلها من الطابق السادس إلى الأرضي، كونه من ذوى الاحتياجات الخاصة، ويتمنى أن تصبح الشقة مملوكة له.

عن المجزرة:

فى تمام الساعة 9:20 صباحًا يوم الأربعاء 8 أبريل 1970، شنت خمس طائرات إسرائيلية من طراز "فانتوم" غارة وحشية على مدرسة بحر البقر الابتدائية بمركز الحسينية، محافظة الشرقية. ألقت الطائرات قنابلها التى زنت الواحدة منها 1000 رطل، فدمرت المدرسة بالكامل، واستشهد 19 تلميذًا، وأُصيب أكثر من 50 آخرين، معظمهم من الأطفال.

الحادثة التى صدمت العالم تم توثيقها فى متحف يحمل اسم المدرسة، وضمت بقايا المتعلقات والملفات الدراسية والكتب الملطخة بالدماء، وأجزاء من القنابل التى مزقت الطفولة فى لحظة لا تُنسى.

الناجي من مجزرة بحر البقر
الناجي من مجزرة بحر البقر

 

عم محمود
عم محمود

 

مع محرر اليوم السابع صغير
مع محرر اليوم السابع صغير


 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق